Rabu, Desember 23, 2009

حقيقة الأخوة فى الله

أحبتى فى الله لقد أصبحت الأمة اليوم كما تعلمون غثاء كغثاء السيل لقد تمزق شملها وتشتت صفها ، وطمع فى الأمة الضعيف قبل القوى ، والذليل قبل العزيز ، والقاصى قبل الدانى ، وأصبحت الأمة قصعة مستباحة كما ترون لأحقر وأخزى وأذل أمم الأرض من إخوان القردة والخنازير ، والسبب الرئيسى أن العالم الآن لا يحترم إلا الأقوياء ،والأمة أصبحت ضعيفة ، لأن الفرقة قرينة للضعف ، والخزلان ، والضياع ، والقوة ثمرة طيبة من ثمار الألفة والوحدة والمحبة ، فما ضعفت الأمة بهذه الصورة المهينة المخزية إلا يوم أن غاب عنها أصل وحدتها وقوتها آلا وهو (( الأخوة فى الله )) بالمعنى الذى جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمحال محال أن تتحقق الأخوة بمعناها الحقيقى إلا على عقيدة التوحيد بصفائها وشمولها وكمالها ، كما حولت هذه الأخوة الجماعة المسلمة الأولى من رعاة للغنم إلى سادة وقادة لجميع الدول والأمم ، يوم أن تحولت هذه الأخوة التى بنيت على العقيدة بشمولها وكمالها إلى واقع عملى ومنهج حياة ، تجلى هذا الواقع المشرق المضىء المنير يوم أن آخى النبى - صلى الله عليه وسلم - ابتداءً بين الموحدين فى مكة ، على الرغم من اختلاف ألوانهم وأشكالهم ، وألسنتهم وأوطانهم ، آخى بين حمزة القرشى ،وسلمان الفارسى وبلال الحبشى ، وصهيب الرومى ، وأبى ذر الغفارى ، وراح هؤلاء القوم يهتفون بهذه الأنشودة العذبة الحلوة

أبى الإسلام لا أبَ لى سِوَاهُ إذا افتخروا بقيسٍ أوتميمِ
راحوا يرددون جميعاً على لسان رجل واحد قول الله عز وجل :
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [ الحجرات : 10 ] . هذه هى المرحلة الأولى من مراحل الإخاء .
ثم آخى النبى - صلى الله عليه وسلم - - ثانيا - بين أهل المدينة من الأوس والخزرج ، بعد حروب دامية طويلة ، وصراع مر مرير ، دمر فيه الأخضر واليابس !!
ثم آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أهل مكة من المهاجرين وبين أهل المدينة من الأنصار ، فى مهرجان حُبٍّ لم ولن تعرف البشرية له مثيلاً ، تصافحت فيه القلوب ، وامتزجت فيه الأرواح ، حتى جسد هذا الإخاء هذا المشهد الرائع الذى جاء فى الصحيحين من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قدم علينا عبد الرحمن بن عوف وآخى النبى - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين سعد بن الربيع ، وكان كثير المال ، فقال سعد : قد علمت الأنصار أنى من أكثرها مالاً ، سأقسم مالى بينى وبينك شطرين ، ولى امرأتان فانظر أعجبهما إليك ، فأطلقها حتى إذا حَلَّتْ تزوجْتَها . فقال عبد الرحمن : بارك الله لك فى أهلك . دلونى على السوق ، فلم يرجع يومئذٍ حتى أفْضَلَ شيئاً من سَمْنٍ وأقطٍ ، فلم يَلْبث إلا يسيراً حتى جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه وَضَرٌ من صُفرةٍ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
(( مَهْيَمْ ؟ )) قال : تزوجتُ امرأةً من الأنصار قال : (( ما سقت إليها ؟ )) قال : وزن نواة من ذهب أو نواةٍ من ذهب فقال : (( أولم ولو بشاة )) (1) وقد نتحسر الآن على زمن سعد بن الربيع ونقول أين سعد بن الربيع الذى شاطر أخاه ماله وزوجه ؟!!
والجواب : ضاع . وذهب يوم أن ذهب عبد الرحمن بن عوف .
فإذا كان السؤال : من الآن الذى يعطى عطاء سعد ؟! فإن الجواب : وأين الآن من يتعفف بعفة عبد الرحمن بن عوف ؟!!
لقد ذهب رجل إلى أحد السلف فقال : أين { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً } [ البقرة : 274 ]
فقال له : ذهبوا مع من { لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا } [ البقرة : 273 ] .
هذا مشهد من مشاهد الإخاء الحقيقى بمعتقد التوحيد الصافى بشموله وكماله ، والله لولا أن الحديث فى أعلى درجات الصحة لقلت إن هذا المشهد من مشاهد الرؤيا الحالمة .

هذه هى الأخوة الصادقة ، وهذه هى حقيقتها ، فإن الأخوة فى الله لا تبنى إلا على أواصر العقيدة وأواصر الإيمان وأواصر الحب فى الله ، تلكم الأواصر التى لا تنفك عراها أبداً .
الأخوة فى الله نعمة جمة من الله ، وفضل فيض من الله يغدقها على المؤمنين الصادقين ،الأخوة شراب طهور يسقيه الله للمؤمنين الأصفياء والأذكياء .
لذا فإن الأخوة فى الله قرينة الإيمان لا تنفك عنه ، ولا ينفك الإيمان عنها فإن وجدت أخوة من غير إيمان ، فاعلم يقيناً أنها التقاء مصالح ، وتبادل منافع ، وإن رأيت إيمان بدون أخوة صادقة فاعلم يقيناً أنه إيمان ناقص يحتاج صاحبه إلى دواء وعلاج لمرض فيه ، لذا جمع الله بين الإيمان والأخوة فى آية جامعة فقال سبحانه { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } [ الحجرات : 10 ]
فالمؤمنين جميعاً كأنهم روح واحدة حل فى أجسام متعددة كأنهم أغصان متشابكة تنبثق كلها من دوحة واحدة ، بالله عليكم أين هذه المعانى الآن ؟!!

ولذلك لو تحدثت الآن عن مشهد كهذا الذى ذكر آنفا ربما استغرب أهل الإسلام هذه الكلمات ، وظنوها كما قلت من الخيالات الجميلة والرؤيا الحالمة لأن حقيقة الأخوة قد ضاعت الآن بين المسلمين ، وإن واقع المسلمين اليوم ليؤكد هذا الواقع الأليم ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، فلم تعد الأخوة إلا مجرد كلمات جوفاء باهتة باردة لا حرارة فيها إلا من رحم الله .
فإن الأخوة الموصلة بحبل الله المتين نعمة امتن بها ربنا جل وعلا على المسلمين الأوائل فقال سبحانه :
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }
[ آل عمران : 102-103 ] .

فالأخوة نعمة من الله امتن بها الله على المؤمنين وقال تعالى : فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ وقال تعالى : { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } الأنفال : 63

الأخوة في الله


0 komentar:

Posting Komentar

Photobucket Photobucket Photobucket
marzukiumar.com © 2007 supported by www.iu.edu.sa allright reserved